. خواطر الشهر الكريم لوزير الأوقاف الخاطرة الخامسة عشرة : الصائم الحق
الصائم الحق صاحب قلب نابض بحب الخير للناس أجمعين ، لا يعرف الحقد ولا الغل إلى قلبه طريقا ، ولا يحسد أحدا على نعمة آتاه الله إياها أو أنعم بها عليه ، راض بما قسمه الله تعالى له ، فهو من خير الناس للناس ، وخيرهم لأهله ، وخيرهم لدينه ، وخيرهم لوطنه ، آخذ بالأسباب ، محسن في توكله على ربه ، غير متكل ، عامل منتج , مبدع مبتكر ، شريف عفيف متعفف ، مفتاح لكل خير ، مغلاق لكل شر ، يسعى في قضاء حوائج الناس ، عطوف على الفقير والمسكين , رحيم بهما , مكرم لهما ، غير معجب بنفسه , ولا متعال على الناس ، يحل الحلال ويحرم الحرام ، وقاف عند حدود الله عز وجل ، مجتنب لمحارمه بل حتى للشبهات والمشتبهات ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : “إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ” .
الصائم الحق من إذا سألته بالله أعطى في الحق وبالحق ، وإن ذكرته بالله وقف وتذكر وراجع نفسه ، تذكرك بالله رؤيته وطلعته ، وفِيّ ، حييّ ، سخي ، كريم في أفعاله ، كريم في أقواله ، عف اللسان ، لا يعرف الفحش ولا الخنا ولا الرياء ولا النفاق إليه سبيلا ، لا يكذب ، ولا يظلم ، ولا يغش ، ولا يحتكر ، ولا يختلس ، ولا يدلس ، ولا يطفف كيلا ولا وزنا ، ولا يخوض في الأعراض ، يحفظ للنفس حرمتها ، وللأموال حقوقها ، وللأوطان فضلها ومكانتها ، بار بوالديه ، بار بوطنه , مدرك أن هذه الخلال النبيلة مكارم أخلاقية وصفات إنسانية أجمعت عليها سائر الشرائع ، كما أنها فطر إنسانية سليمة لو لم يأت بها دين لأسرع إليها وتمسك به كل ذي عقل رشيد ، فما بالكم وفِي التمسك به سعادة الدارين ؟! حيث سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) ما أكثر ما يدخل الجنة يا رسول الله ؟ فقال (صلى الله عليه وسلم) : “تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ” ، وما بالكم وصيامه وتقواه لا يتحققان إلا بحسن خلقه؟